متى وكيف نتحدث مع أطفالنا عن المثلية الجنسية؟
- مايو 22, 2025
- نشر بواسطة: Mahmoud Mohy
متى وكيف نتحدث مع أطفالنا عن المثلية الجنسية؟
في عالمنا اليوم، تفرض علينا التغيرات السريعة مواضيع لم يكن الجيل السابق مضطرًا للتعامل معها، ومن أبرزها التربية الجنسية عمومًا، والحديث عن المثلية الجنسية خصوصًا. قد يجد الآباء أنفسهم في حيرة: هل يجب تناول هذه المواضيع بوضوح أم تجنبها؟ الحقيقة أن أطفالنا يتعرضون لكم هائل من الرسائل المباشرة وغير المباشرة حول هذه الأمور، وغالبًا ما تأتيهم من مصادر لا نتحكم بها.
تشير الدراسات إلى أن الطفل في سن السابعة يكون قد سمع أو رأى شيئًا عن هذه المواضيع. لذلك، يصبح من الضروري أن نكون نحن الآباء المصدر الأول والموثوق لأبنائنا في هذا الشأن، وأن نقدم لهم المعلومات المناسبة لأعمارهم وشخصياتهم بأسلم الطرق. فكما قيل: الوقاية خير من العلاج.
لماذا يتجنب الآباء الحديث عن هذه المواضيع؟
قبل أن نتعمق في “كيف ومتى” نتحدث، دعونا نفهم الأسباب وراء تردد البعض:
ثقافة العيب: لا تزال هناك نظرة سلبية تجاه الحديث عن الأمور الجنسية، حتى من منظور علمي، مما يجعل الكثير من المربين ينفرون من هذا النقاش.
الخوف على براءة الأطفال: يخشى الآباء أن يفتح الحديث عن هذه المواضيع عقول أطفالهم على أمور لا تتناسب مع أعمارهم. ولكن الواقع أن الشاشات وبرامج الأطفال المبهجة غالبًا ما تحمل رسائل موجهة قد تضر بفطرة الطفل السليمة إن لم نتصد لها بوعي.
الجهل بالمعلومة الصحيحة: الكثير منا ورث جهلاً حول الطبيعة الجنسية والمعلومات الواجب معرفتها. بينما كان هذا الجهل قد لا يضر في الماضي، إلا أنه في عصرنا الحالي المليء بالرسائل المشوهة، أصبح ضررًا مؤكدًا.
كيف ومتى نبدأ الحديث؟
البداية يجب أن تكون من أنفسنا. علينا البحث وجمع المعلومات الموثوقة حول هذا المجال، ثم تصفيتها وتبسيطها لتقديمها لأبنائنا بأفضل شكل، وحمايتهم من المعلومات المغلوطة التي قد يتلقونها من الألعاب، الأغاني، الأصدقاء، أو حتى مقاطع الكرتون.
ما الذي يجب أن يعرفه المربي؟
من المهم أن ندرك أن المثلية لم تعد تقتصر على الميل لنفس الجنس فقط. هناك أيضًا:
المتحولون جنسيًا: من يدّعون عدم الارتياح لجنسهم الأصلي ويسعون لتغييره نفسيًا أو جسديًا.
المزدوجون جنسيًا: من يتبعون “الحب” بغض النظر عن جنس الشريك.
من الضروري أن نكون واضحين مع أطفالنا ونسمي الأمور بمسمياتها. كل ما سبق ذكره هو شذوذ عن الفطرة السوية. يجب أن نستخدم هذه الكلمة ليعي الطفل خطورة هذا الانحراف.
يجب أن نعلم أيضًا أن الأمر ليس مجرد سوء خلق أو ضعف وازع ديني فقط، بل هو جزء من أجندات عالمية ضخمة واقتصاد كامل يقوم على نشر هذه الأفكار المسمومة. فكونوا على حذر.
متى أتحدث مع أبنائي عن هذا الموضوع؟
لا يوجد عمر محدد للبدء، بل يعتمد الأمر على شخصية طفلك وعمره:
السنوات الأولى: عززوا هوية أطفالكم الجنسية بالتركيز على ألفاظ مثل “ذكر وأنثى”، “أب وأم”، و”عائلة”. وضحوا لهم كيف أن الله فطر الإنسان على الزواج وتكوين أسرة وإنجاب أطفال ضمن إطار من الحب الجميل.
عندما يكبرون قليلًا: اشرحوا لهم أن بعض الناس يشوهون فطرتهم السليمة بتغيير هويتهم الجنسية أو ميلهم الفطري للجنس الآخر، وأنهم قد يعانون من مشاكل نفسية وجسدية نتيجة لذلك.
مع تقدم العمر: تحدثوا عن أنواع الشذوذ ومخاطرها على الفرد والمجتمع. وضحوا لهم أن هذا الأمر أصبح قريبًا ويُحاولون فرضه علينا، وأن علينا أن نكون يقظين.
في عمر أكبر: يمكن مناقشة أسباب هذه الظاهرة (تشوه الفطرة، نقص العاطفة، التحرش في الطفولة، الرسائل الإعلامية والمجتمعية). أكدوا على خطورة الأمر وبشاعته، وأن الإنسان قادر على اختيار طريق الحق رغم صعوبته، وإن لم يستطع، فعليه طلب المساعدة.
من المفيد هنا زيادة رصيدنا من الكتب والدورات المتخصصة في التربية الجنسية لتحديد المعلومات المناسبة لكل فئة عمرية.
هل هي عيب جيني؟
تتحدد هوية الجنين الجنسية في بطن أمه بوضوح. الحالات النادرة جدًا لولادة طفل بجهازين تناسليين (الخنثى المُشكل) تختلف تمامًا عن حالة الشاذين جنسيًا. في الشذوذ الجنسي، لا يوجد عيب خلقي، بل هو تشوه في الفطرة ناتج عن عوامل بيئية، مجتمعية، أسرية، تربوية، ومُدخلات مختلفة. الكثير منهم يضطرون لعلاجات هرمونية وجلسات نفسية مكثفة، مما يؤكد أنها ليست جينات بل خلق مكتسب.
هل هي حرية شخصية؟
الغريب أن الدول التي تنادي بحرية المثليين تفرض قوانين تمنع الوالدين من تربية أطفالهم بهوية جنسية واضحة، وتدين من يحاول مساعدة طفله الذي يلاحظ عليه ميولًا متطرفة.
إذا كانت حرية شخصية، فلماذا لا أستطيع أن أختار عدم الإيمان بها؟ ولماذا يحارب مخالفوها؟ ولماذا لا يمكنني تربية طفلي بهوية جنسية واضحة؟ ولماذا لا أستطيع فتح برنامج كرتوني لابني دون خوف من رسائل مبطنة لا تمت للحرية بصلة؟ التناقض في طرح الحرية واضح جدًا عند داعمي الشذوذ: فهي حرية لهم، ولكنها إلزام على غيرهم.
ما هي تبعات الموضوع على حياتنا وحياتهم؟
أطفالنا، حتى في أعمار صغيرة، يمكنهم فهم تبعات هذه الظاهرة. يمكننا طرح أسئلة تفتح مداركهم:
“ماذا سيحدث للعالم إذا تزوج الرجال بالرجال والنساء بالنساء؟”
“ماذا لو لم يكن هناك جنس محدد، ولم نعرف من الذكر ومن الأنثى؟”
“كيف سيربي هؤلاء الأطفال الذين سيتبنونهم؟”
من إجاباتهم، يمكننا تسليط الضوء على:
نقص الولادات وانقراض العالم على المدى البعيد.
انتشار ظاهرة الأسر غير الطبيعية التي تفتقر للرابط البيولوجي، وتخلق أطفالاً بعقد نفسية كثيرة.
انتشار الاكتئاب والانتحار بين المثليين.
تشوه في المشاعر والعلاقات، وتفكك في المجتمعات.
ثم ننتقل للحديث عن العقوبة الإلهية، وأن اللعنة هي جزاؤهم من الله لتشويههم الفطرة. نستشهد بحديث الرسول ﷺ عن المتشبهين والمتشبهات، وبقصة قوم لوط كمثال على أن هذه الأفعال الشاذة موجودة دائمًا، وقد تكون سرًا أو جهرًا. ونؤكد على أن هذه من الكبائر التي توجب نزول لعنة الله على فاعليها، وتشمل من يسكت عنها (مثل امرأة لوط). هنا، نؤكد على أهمية استنكار هذا الفعل وليس فقط تجنبه.
كيف أتعامل مع الإيحاءات والرسائل غير المباشرة؟
يجب علينا توعية أبنائنا بالرموز والصور المنتشرة والتنبيه إليها. معرفتهم بها تجعلهم أكثر قدرة على تجنبها بوعي.
“عرفتُ الشرَ لا للشرِ بل لتوقّيه… ومن لم يعرف الشر يقع فيه.”
استغلوا المواقف التي تظهر فيها شخصية كرتونية تثير الشبهات بشكلها أو كلامها. لفتوا نظر أطفالكم واسألوا أسئلة تنشط التفكير المنطقي لديهم، مثل:
“هل لاحظت…؟”
“ما رأيك بأنهم جعلوا شكله أو تصرفاته تشبه الفتيات؟”
“ماذا يريدوننا أن نفكر؟”
“هل تتوقع أن ألوان علم المثلية التي انتشرت على معظم ألعاب الأطفال هي بالصدفة أم شيء مدروس ومقصود؟”
أخبروهم أن الهدف هو أن يعتاد الصغار هذه الأمور ويألفوها، ليصبحوا داعمين غير مباشرين لها. فالحذر كل الحذر.
ختامًا:
على الرغم من أن المثلية الجنسية قد تبدو موضوعًا مستحدثًا، إلا أن انتشارها المخيف واقترابها من أطفالنا يجعل من الحكمة أن يتعامل معها المربي بوعي وحكمة.